معركة الدم.. الإنسان يستنجد بالديدان
مع تقدم الطب وتطور وسائل العلاج أصبح الدم هو وقود الاستمرار ومنقذ البشر من الموت
بعدما أصبح العجز في مخزون بنوك الدم يصل لمليون لتر على المستوى العالمي، وإصابة 4800 شخص في بريطانيا وحدها بأمراض وبائية بسبب نقل الدم، بحث العلماء عن مصادر جديدة لينتجوا منها سائلا صناعيا من أجل إنقاذ حياة البشر وتفادي مخاطر العدوى والأوبئة.
وفي العديد من البلدان يضطر القائمون على المستشفيات إلى تأخير مواعيد العمليات بسبب عدم الحصول على الدم.
وفي أواخر ثمانينيات القرن الماضي سُجلت الكثير من حالات العدوى وأمراض نقص المناعة والتلوث الكبدي بسبب عمليات نقل السائل الأحمر من الأشخاص المتبرعين بهدف إنقاذ المرضى.
وقد أنتجت الجزيرة الوثائقية فيلما بعنوان "معركة الدم" يسلط الضوء على مخاطر نقله والعجز الحاصل فيه والمعارك البحثية التي قام بها العلماء من أجل توفير البديل.
في ثمانينيات القرن الماضي شهد العالم فضيحة كبيرة عندما أصيب الآلاف في بريطانيا بالإيدز وبفيروس الكبد الوبائي بسبب نقل دم لهم، ولا تزال بعض المحاكم في الدول الغربية تحقق في تلك الأخطاء.
وفي بعض الدول الأوروبية سُجلت الكثير من الحالات المشابهة كان آخرها في ألمانيا سنة 2010 حيث نقلت العدوى بمرض نقص المناعة عن طريق الدم المتبرع به.
نقص المتبرعين يهدد المرضى
ومع تقدم الطب وتطور وسائل العلاج أصبح الدم هو وقود الاستمرار ومنقذ البشر من الموت، فتزايدت الحاجة إليه نظرا للوظائف الصحية العديدة التي يقوم بها، فرُفع شعار "التبرع بالدم ينقذ الحياة" ليقتنع الناس ويساهموا في حياة من أشرفوا على الهلاك.
يوجد في جسم الإنسان كمية من الدم تتراوح بين 5 و6 لترات، وتقوم بوظائف مهمة كنقل الأوكسجين إلى الخلايا، ويُقبل من المتبرع عادة نصف لتر ولا يلحق بصحته أي ضرر.
ورغم تبني الشعار المذكور والقيام بالكثير من حملات التوعية لأهمية التبرع فإن الحاجة إليه تزيد عاما بعد عام.
مثلا، تحتاج المستشفيات الفرنسية إلى 10 آلاف متبرع يوميا، وفي ألمانيا كثيرا ما يلجأ الأطباء إلى تأخير العمليات بسبب النقص الحاد لدى بنوك الدم.
ويقول أندريا سغراينايخر مدير نقل الدم في المستشفى الجامعي في ألمانيا "نحن بحاجة ماسة للدم لنقوم بإنقاذ حياة المسنين، فعدد المتبرعين ينقص لمستوى 50% لأن معدل الولادات في تراجع".
ويقوم الألمان بإجراءات دقيقة للتأكد من سلامة السائل الأحمر بعد الفضائح المتكررة في نقل الأمراض الخطيرة.
وفي حديثه للجزيرة الوثائقية يقول مدير قسم أمراض الدم في معهد باول إيرليخ الألماني هاينر زايتس "رغم الحاجة الملحة للدم فإننا نقوم بإجراءات دقيقة، وقد اكتشفنا 100 حامل لمرض نقص المناعة من 4000 حالة تبرع". لذلك يزيد المسؤولون عن سلامة الدم من إجراءاتهم الوقائية، فلا يُسمح للشواذ بالتبرع لأنهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض ذات العدوى.
ومن بين إجراءات السلامة ونقص المتبرعين تزيد الحاجة للدم لإنقاذ حياة البشر، فقد أصبح نقص المخزون العالمي للدم يعادل مليون لتر، مما جعل العلماء يزيدون من جهودهم البحثية لإيجاد حل وبديل.
رغم أن نقل الدم بين الأجسام لا تزال مخاطره وآثاره السلبية غير واضحة حتى الآن
رحلة البحث عن بديل
رغم أن نقل الدم بين الأجسام لا تزال مخاطره وآثاره السلبية غير واضحة حتى الآن، فإن الأطباء يؤكدون أن كل عملية نقل دم هي بمثابة زرع عضو جديد في الجسم.
وتفاديا لذلك ركز العلماء في إيجاد حل للمشاكل الناتجة عن ذلك وتوفير سائل يمكن أن ينتج في المختبرات بإمكانه أن يقوم بنفس الوظائف.
وقد طور العلماء في زيورخ بسويسرا تجربة سابقة عن مادة الهيموغلوبين حيث أنتجوا سائلا كيماويا قادرا على تخزين الأوكسجين في الجسم كما يفعل الدم، وأصبحت هذه المادة مستخدمة في العلميات بنجاح، لكن الباحثين اكتشفوا بعد ذلك أنها تخلف أعراضا صحية خطيرة.
ويؤكد أخصائي التخدير في مستشفى زيورخ دونات شبان أن إيجاد مادة بديلة أمر في غاية الصعوبة لأن خلايا الدم الحمراء متخصصة في أخذ الأوكسجين من الرئتين وإيصاله للأنسجة، وتلك عملية معقدة قد لا يستطيع السائل الصناعي القيام بها.
وفي جنوب أفريقيا قام الباحثون باستخدام دم الحيوانات حيث استخرجوا منه الهيموغلوبين وطوروه إلى سائل صناعي وتمت الموافقة عليه سنة 2001، ولكنه تبين بعد ذلك أنه يولد أضرارا على الأمعاء والأوردة الدموية.
وقام باحثون في ألمانيا بالعمل على إنتاج بديل اصطناعي عبر تكثير خلايا الدم الحمراء عن طريق الخلايا الجذعية التي يُحصل عليها من نخاع العظم البشري. لكن العلماء هنالك لم يستطيعوا التحقق من عمل الخلايا الصناعية كما تعمل تلك الطبيعية لأن كفاءتها لا يمكن أن تقارن بكفاءة الجسم البشري كما يقول مدير نقل الدم في معهد باول إيرليخ.
ومن التجارب المتقدمة في معركة الحصول على بديل للسائل الأحمر ما يقوم به الباحثون في بريستول بإنجلترا حيث يوجد أكبر بنك للدم في العالم، لأنهم يوزعون يوميا أكثر من ثلاثة آلاف كيس أحمر، وقبل توزيعها تتم تصفية الخلايا الجذعية لأغراض البحث. فقد أنتج ديفد آنستي وزملاؤه في بريستول دما صناعيا عبر الخلايا الجذعية ويؤدي نفس الأدوار التي يقوم بها السائل الأحمر الطبيعي وبدأت تجاربه السريرية بشكل فعلي.
لكن ما يقف في وجه هذا الفريق هو العجز عن وجود نظام مخبري يستطيع فعل ما تقوم به وظائف العظام البشرية، وذلك لأنهم يستخلصون خمسة مليمترات من كل 30 لترا، فما ينتجه المخبر في ثلاثة أسابيع ينتجه نخاع العظم في ساعة واحدة.
من أهم البدائل للدم الديدان البحرية
إلى الديدان البحرية
ومن أهم البدائل للدم ما سجله عالم الأحياء فرانك زال في منطقة مورليه بمدينة برتانيه غرب فرنسا، حيث لفت انتباهه الطريقة التي تعيش بها ديدان لاك البحرية .
فقد أجرى زال الكثير من التجارب على هذه الديدان فاستخرج منها مادة تقوم بوظائف الهيموغلوبين، وقام فريقه بحرمان الفئران والأرانب من مادة الأوكسجين بشكل كامل واستبدلوه بمادة هيمارينا وهي عبارة عن الدم الذي استخرجوه من الديدان البحرية.
وأكد فريق العالم الفرنسي أن الهيموغلوبين المستخرج من الديدان البحرية يساوي نسبة 95% مما يوجد في البشر.
وتتميز مادة هيمارينا أنها تستطيع التكيف مع جميع فصائل الدم وكذلك تحتوي على مواد تحافظ على الأعضاء المزروعة، وتم تطبيق المنتج المتعلق بالزراعة بشكل فعلي وأظهر نجاعته وتأثيره.
وسجل لاك براعة اختراع سنة 2007 وأنشأ مزرعة لتربية الديدان البحرية ويقول للجزيرة إنه دخل في مرحلة الإنتاج، لكنه في طور البحث عن الأعراض التي قد تظهر جراء استخدام الدم المصنوع من الديدان.
وفي سويسرا يرفع بعض العلماء عنوان "إدارة دم المريض" حيث يرون أن الحل الأكثر أمانا هو في ترشيد السائل الأحمر للمريض، وذلك يكون بالعمل على إنتاج وسائل لوجستية بإمكانها أن تعمل على إعادة ما يفقده الإنسان في العمليات الجراحية أو الحيلولة دون النزيف أثناء العلاج.
ورغم كل الجهود المضنية التي قام بها الباحثون في جميع أنحاء العالم فإن شعار "التبرع بالدم ينقذ الحياة" لم زال هو الحل، لأنه ليس هنالك ما يمكن أن يحل محله في الحالات المستعجلة.
بعدما أصبح العجز في مخزون بنوك الدم يصل لمليون لتر على المستوى العالمي، وإصابة 4800 شخص في بريطانيا وحدها بأمراض وبائية بسبب نقل الدم، بحث العلماء عن مصادر جديدة لينتجوا منها سائلا صناعيا من أجل إنقاذ حياة البشر وتفادي مخاطر العدوى والأوبئة.
وفي العديد من البلدان يضطر القائمون على المستشفيات إلى تأخير مواعيد العمليات بسبب عدم الحصول على الدم.
وفي أواخر ثمانينيات القرن الماضي سُجلت الكثير من حالات العدوى وأمراض نقص المناعة والتلوث الكبدي بسبب عمليات نقل السائل الأحمر من الأشخاص المتبرعين بهدف إنقاذ المرضى.
وقد أنتجت الجزيرة الوثائقية فيلما بعنوان "معركة الدم" يسلط الضوء على مخاطر نقله والعجز الحاصل فيه والمعارك البحثية التي قام بها العلماء من أجل توفير البديل.
في ثمانينيات القرن الماضي شهد العالم فضيحة كبيرة عندما أصيب الآلاف في بريطانيا بالإيدز وبفيروس الكبد الوبائي بسبب نقل دم لهم، ولا تزال بعض المحاكم في الدول الغربية تحقق في تلك الأخطاء.
وفي بعض الدول الأوروبية سُجلت الكثير من الحالات المشابهة كان آخرها في ألمانيا سنة 2010 حيث نقلت العدوى بمرض نقص المناعة عن طريق الدم المتبرع به.
نقص المتبرعين يهدد المرضى
ومع تقدم الطب وتطور وسائل العلاج أصبح الدم هو وقود الاستمرار ومنقذ البشر من الموت، فتزايدت الحاجة إليه نظرا للوظائف الصحية العديدة التي يقوم بها، فرُفع شعار "التبرع بالدم ينقذ الحياة" ليقتنع الناس ويساهموا في حياة من أشرفوا على الهلاك.
يوجد في جسم الإنسان كمية من الدم تتراوح بين 5 و6 لترات، وتقوم بوظائف مهمة كنقل الأوكسجين إلى الخلايا، ويُقبل من المتبرع عادة نصف لتر ولا يلحق بصحته أي ضرر.
ورغم تبني الشعار المذكور والقيام بالكثير من حملات التوعية لأهمية التبرع فإن الحاجة إليه تزيد عاما بعد عام.
مثلا، تحتاج المستشفيات الفرنسية إلى 10 آلاف متبرع يوميا، وفي ألمانيا كثيرا ما يلجأ الأطباء إلى تأخير العمليات بسبب النقص الحاد لدى بنوك الدم.
ويقول أندريا سغراينايخر مدير نقل الدم في المستشفى الجامعي في ألمانيا "نحن بحاجة ماسة للدم لنقوم بإنقاذ حياة المسنين، فعدد المتبرعين ينقص لمستوى 50% لأن معدل الولادات في تراجع".
ويقوم الألمان بإجراءات دقيقة للتأكد من سلامة السائل الأحمر بعد الفضائح المتكررة في نقل الأمراض الخطيرة.
وفي حديثه للجزيرة الوثائقية يقول مدير قسم أمراض الدم في معهد باول إيرليخ الألماني هاينر زايتس "رغم الحاجة الملحة للدم فإننا نقوم بإجراءات دقيقة، وقد اكتشفنا 100 حامل لمرض نقص المناعة من 4000 حالة تبرع". لذلك يزيد المسؤولون عن سلامة الدم من إجراءاتهم الوقائية، فلا يُسمح للشواذ بالتبرع لأنهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض ذات العدوى.
ومن بين إجراءات السلامة ونقص المتبرعين تزيد الحاجة للدم لإنقاذ حياة البشر، فقد أصبح نقص المخزون العالمي للدم يعادل مليون لتر، مما جعل العلماء يزيدون من جهودهم البحثية لإيجاد حل وبديل.
رغم أن نقل الدم بين الأجسام لا تزال مخاطره وآثاره السلبية غير واضحة حتى الآن
رحلة البحث عن بديل
رغم أن نقل الدم بين الأجسام لا تزال مخاطره وآثاره السلبية غير واضحة حتى الآن، فإن الأطباء يؤكدون أن كل عملية نقل دم هي بمثابة زرع عضو جديد في الجسم.
وتفاديا لذلك ركز العلماء في إيجاد حل للمشاكل الناتجة عن ذلك وتوفير سائل يمكن أن ينتج في المختبرات بإمكانه أن يقوم بنفس الوظائف.
وقد طور العلماء في زيورخ بسويسرا تجربة سابقة عن مادة الهيموغلوبين حيث أنتجوا سائلا كيماويا قادرا على تخزين الأوكسجين في الجسم كما يفعل الدم، وأصبحت هذه المادة مستخدمة في العلميات بنجاح، لكن الباحثين اكتشفوا بعد ذلك أنها تخلف أعراضا صحية خطيرة.
ويؤكد أخصائي التخدير في مستشفى زيورخ دونات شبان أن إيجاد مادة بديلة أمر في غاية الصعوبة لأن خلايا الدم الحمراء متخصصة في أخذ الأوكسجين من الرئتين وإيصاله للأنسجة، وتلك عملية معقدة قد لا يستطيع السائل الصناعي القيام بها.
وفي جنوب أفريقيا قام الباحثون باستخدام دم الحيوانات حيث استخرجوا منه الهيموغلوبين وطوروه إلى سائل صناعي وتمت الموافقة عليه سنة 2001، ولكنه تبين بعد ذلك أنه يولد أضرارا على الأمعاء والأوردة الدموية.
وقام باحثون في ألمانيا بالعمل على إنتاج بديل اصطناعي عبر تكثير خلايا الدم الحمراء عن طريق الخلايا الجذعية التي يُحصل عليها من نخاع العظم البشري. لكن العلماء هنالك لم يستطيعوا التحقق من عمل الخلايا الصناعية كما تعمل تلك الطبيعية لأن كفاءتها لا يمكن أن تقارن بكفاءة الجسم البشري كما يقول مدير نقل الدم في معهد باول إيرليخ.
ومن التجارب المتقدمة في معركة الحصول على بديل للسائل الأحمر ما يقوم به الباحثون في بريستول بإنجلترا حيث يوجد أكبر بنك للدم في العالم، لأنهم يوزعون يوميا أكثر من ثلاثة آلاف كيس أحمر، وقبل توزيعها تتم تصفية الخلايا الجذعية لأغراض البحث. فقد أنتج ديفد آنستي وزملاؤه في بريستول دما صناعيا عبر الخلايا الجذعية ويؤدي نفس الأدوار التي يقوم بها السائل الأحمر الطبيعي وبدأت تجاربه السريرية بشكل فعلي.
لكن ما يقف في وجه هذا الفريق هو العجز عن وجود نظام مخبري يستطيع فعل ما تقوم به وظائف العظام البشرية، وذلك لأنهم يستخلصون خمسة مليمترات من كل 30 لترا، فما ينتجه المخبر في ثلاثة أسابيع ينتجه نخاع العظم في ساعة واحدة.
من أهم البدائل للدم الديدان البحرية
إلى الديدان البحرية
ومن أهم البدائل للدم ما سجله عالم الأحياء فرانك زال في منطقة مورليه بمدينة برتانيه غرب فرنسا، حيث لفت انتباهه الطريقة التي تعيش بها ديدان لاك البحرية .
فقد أجرى زال الكثير من التجارب على هذه الديدان فاستخرج منها مادة تقوم بوظائف الهيموغلوبين، وقام فريقه بحرمان الفئران والأرانب من مادة الأوكسجين بشكل كامل واستبدلوه بمادة هيمارينا وهي عبارة عن الدم الذي استخرجوه من الديدان البحرية.
وأكد فريق العالم الفرنسي أن الهيموغلوبين المستخرج من الديدان البحرية يساوي نسبة 95% مما يوجد في البشر.
وتتميز مادة هيمارينا أنها تستطيع التكيف مع جميع فصائل الدم وكذلك تحتوي على مواد تحافظ على الأعضاء المزروعة، وتم تطبيق المنتج المتعلق بالزراعة بشكل فعلي وأظهر نجاعته وتأثيره.
وسجل لاك براعة اختراع سنة 2007 وأنشأ مزرعة لتربية الديدان البحرية ويقول للجزيرة إنه دخل في مرحلة الإنتاج، لكنه في طور البحث عن الأعراض التي قد تظهر جراء استخدام الدم المصنوع من الديدان.
وفي سويسرا يرفع بعض العلماء عنوان "إدارة دم المريض" حيث يرون أن الحل الأكثر أمانا هو في ترشيد السائل الأحمر للمريض، وذلك يكون بالعمل على إنتاج وسائل لوجستية بإمكانها أن تعمل على إعادة ما يفقده الإنسان في العمليات الجراحية أو الحيلولة دون النزيف أثناء العلاج.
ورغم كل الجهود المضنية التي قام بها الباحثون في جميع أنحاء العالم فإن شعار "التبرع بالدم ينقذ الحياة" لم زال هو الحل، لأنه ليس هنالك ما يمكن أن يحل محله في الحالات المستعجلة.
تعليقات
إرسال تعليق