العثور على جثة فتاة متجمدة لأكثر من 500 عام
في عام 1999 في “سالتا” بالآرجنيتن ، تم اكتشاف ثلاث جثث لأطفال منذ عصر “الإنكا” مدفونة في الثلج على قمة جبل “لولايلاكو” منذ 500 عام . هذه الجثث هي أفضل مومياؤات تم اكتشافها على الإطلاق، فلقد كانت سليمة تماماً، كاملة الأعضاء ، والجلد والمظهر الخارجي لازال سليماً كما هو ، والفضل في ذلك يرجع للبرودة وجفاف الهواء حيث كانوا مدفونين . ويبدو أنه قد تم دفنهم وهم نائمون قربانا للآلهة . تم إخضاعهم للتصوير الفوتوغرافي وللأشعة السينية وتحليل الحمض النووي . كما تم تدفئة وحفظ الملابس والفخار والتماثيل التي وجدت معهم ، إلا الجثث قد تم تجميدها ، وتم عرضهم لزوار في سنة 2012 م ،حينما تم عرض العذراء “لا دونسيلا” ذات 15 عاماً في متحف High Altitude Archaeology ، والذي أنشئ خصيصاً في “سالتا” من أجل عرض هذه المومياوات .
هؤلاء الأطفال تمت التضحية بهم كجزء من طقس ديني يسمى “كاباكوشا” ، فقد تجولوا بهم لمئات الأميال في “كوزوكو” ، ثم صعدوا بهم إلى قمة جبل “لولايلاكو” ، وهناك أعطوهم شراب الذرة المسكر ، وحينما أخلدوا للنوم قاموا بوضعهم في حفرة على قمة الجبل ، حيث تجمدوا حتى الموت . وفي هذا الطقس لا يتم اختيار سوى الأطفال الأقوياء ، وهذا الإختيار يكون شرف بالنسبة لهم . هؤلاء الأطفال لا يموتون ، ولكنهم ينضمون إلى أسلافهم ليراقبوا قراهم من فوق قمم الجبال مثل الملائكة ، حسب معتقدات “الإنكا” .
وحينما سئل دكتور “ميريمونت” لماذا أستغرق الأمر 8 سنوات لعرض المومياوات ، قال أنه كان يجب عمل الكثير من الأبحاث حتى يجدوا طريقة يعرضوا بها المومياوات دون أن تتعرض للتلف . وهذه الأبحاث توصلت إلى أسطوانة مصنوعة من الإكليرك داخل صندوق مصنوع من ثلاث طبقات من الزجاج . وقد تم توفير الظروف المناخية التي كانت موجودة على قمة الجبل من قلة الأكسوجين ودرجة حرارة تحت الصفر وعوامل الضغط والرطوبة ، من خلال نظام مناخي يتم التحكم به عن طريق الكمبيوتر . ولأن “سالتا” تقع في منطقة حزام الزلازل ، فقد قاموا بتزويد المكان بثلاث مولدات وثلاث ثلاجات ، في حال انقطاع الكهرباء أو تعطل المعدات . وفي حالة حدوث أي طوارئ ، سوف تطير بهم طائرة حاكم الإقليم إلى مكان آمن .
الغرفة التي تم عرض “لا دانسيلا” بها خافتة الأضواء . وحينما سئل دكتور “ميريمونت” عن ذلك قال أن هناك من لا يحب رؤية الجسد الميت ، لكن من يريد ذلك يمكنه إشعال الضوء . ومهما كان الغرض من خفض الأضواء فالتأثير رائع . فمن خلال الظلام يمكنك رأيت “لا دنسيلا” متجسدة في الظلام ، جالسة بردائها البني ، ولا تزال قطع من أوراق نبات “الكوكا” عالقة بشفاهها العليا ، وشعرها الطويل .
أحد المومياوان الأخريان ، طفلة ذات 6 أعوام ، قد أصابها صاعقة ما بعد موتها ، وذلك بالنظر إلى أجزاء وجهها المحترق والجزء العلوي من جسدها وملابسها . والطفل الثالث صبي ذو 7 أعوام له جمجمة مستطيلة قليلاً ، وقيل أنه ربما يكون من طبقة ذات مكانة عالية أو من أسرة ملكية . وقد عمل العلماء مع المومياوات في معمل خاص ، تنخفض حرارته إلى ما تحت الصفر ، ولم تتعرض المومياوات لانخفاض حرارة أكثر من 20 دقيقة ، لتجنب ذوبان الجليد . وقد بينت اختبارات الحمض النووي أن الأطفال ليسوا أقارب ، كما أظهرت الأشعة المقطعية أنهم أصحاء ولم تكن بهم أي إصابات أو كسور ، فيما عدا “لا دانسيلا” ، فلديها التهاب في الجيوب الأنفية ، كما أن الرئة بها التهاب في القصبات .
يقول دكتور “ميريمونت” ، أنه يمكننا أن نعرف الماضي بالنظر إلى هذه المومياوات ، بالإضافة إلى أنهم أشخاص جاءوا من ثقافة لازالت موجودة حتى اليوم ، كما أنهم ينتمون إلى مكان مقدس على الجبل .وقد صرح أيضاً أن الجبال المحيطة بـ “سالتا” بها ما لا يقل عن 40 موقع دفن لقرابين أخرى ، لكن سكان هذه المناطق لا يريدون استخراج هذه الجثث المقدسة . وأضاف أننا نحترم رغبتهم هذه ، ويكفينا هذه المومياوات الثلاث ، فنحن نريد علاقة طيبة مع الشعب الهندي .
المصدر : جريدة ديلي ميل البريطانية
تعليقات
إرسال تعليق