قصة الجميلة والوحش.. لم تكن أسطورة
في عام 1573 تزوجت الفتاة الجميلة كاثرين -ابنة أحد العاملين في البلاط الملكي الفرنسي- من ذئب بشري وحشي يدعى "بتروس". لم تكن كاثرين تدري مَن هو زوجها ولا كيف يبدو شكله وهيئته لأن الزواج كان بأمر ملكي، لذا فإنها عندما رأته في يوم الزفاف سقطت مغشيا عليها.
كان الشعر يغطي جسم بتروس بشكل كامل، وكان القصر الملكي ينتظر كيف ستكون ليلة تلك الفتاة الجميلة كاثرين مع ذلك الوحش المروّض.
اعتقد أطباء الملك أن الوحش صاحب القوى الخارقة سيؤذى كاثرين الخائفة، لكن كاثرين وقعت مع مرور الوقت في حب الوحش البري، بل اكتشفت أن من تزوجت به مسالم وليس وحشا كما اعتقد سكان القصر.
أسطورة الوحش البشري
بدأت حكاية الجميلة كاثرين والوحش بتروس في عام 1547 عندما أقام الملك الفرنسي هنري الثاني حفلا ضخما بمناسبة اعتلائه العرش، فأحضر المهنئون الهدايا الثمينة للملك، وكانت الهدايا الغريبة هي الأفضل في ذلك الوقت حيث كان النبلاء يتنافسون في تجميع كل ما هو غريب، مثل الحيوانات الغريبة والفريدة التي لم تُعرف من قبل. ومن أهم الهدايا التي قُدمت مخلوق غريب مأسور في عربة حديدية ظن الملك أنه "رجل بري أسطوري نادر".
نُسجت الكثير من القصص والحكايا حول رجل البرية المتوحش، واعتقد الناس أنه يخطف الأطفال ليلا، وأنه شيطان منعزل يعيش في الأدغال ويتربص بالناس، وأن غريزته الوحيدة هي القتل.
أصبح الوحش البري الآن بحوزة الملك الذي فرح به كثيرا، فساقه حاشيته إلى أقبية القصر لفحصه من قبل الأطباء الخائفين والمتربصين من مخاطره على القصر. وأمر الملك بتحويل الوحش لشخص مُروّض وقام بتغيير اسمه إلى "بدرو".
أصبح بدرو المتوحش في حماية الملك الذي يعتقد أن لديه قوى خارقة، فكساه كالنبلاء وعلمه تعليما جيدا وأطعمه طعاما آدميا غير اللحم النيئ والأعلاف.
تحفة للملوك
تغيرت حياة بتروس من رجل أدغال مخيف إلى رجل يتصرف كالنبلاء بعد اهتمام الملك به، لكن بعد وفاة الملك في إحدى المبارزات وتولي أرملته كاثرين الحكم تغيرت حياة بتروس.
كانت "كاثرين" الملكة قاسية ودموية، تحكمت في حياة بتروس وأرادت له الزواج حتى ينجب الكثير من الأطفال البريين المتوحشين كي تتباهى بهم بين ملوك أوروبا، فقد كان الغريب من الأشياء في ذلك الوقت رمزا للأغنياء.
اختارت الملكة كاثرين فتاة جميلة تدعى كاثرين أيضا للزواج من الوحش. أحبت كاثرين بتروس وأنجبت منه أربعة أطفال؛ طفلان عاديان والثالث والرابع ولدا مثل أبيهما يغطي الشعر كل جسميهما.
أصبح بتروس وعائلته محط اهتمام أوروبا بأسرها، وصدرت الأوامر الملكية برسم بتروس وطفليه البريين وتجاهل الطفلين الآخرين.
لكن بتروس لم يستطع العيش بأمان حتى بعد أن تعلم وأصبح يتصرف كالنبلاء، فما زالت أوروبا تعامله كوحش بري غير آدمي، وسُلم كهدية إلى دوق بارما الإيطالي الذي بدوره سلم ابنة بتروس الصغرى هدية إلى إحدى عشيقاته.
مات بتروس عام 1623 إلا أنه لم يُعثر على وثائق رسمية لوفاته. ويظن مؤرخون أن بتروس حُرم من امتيازات الوفاة لأنه كان يُعد حيوانا. وتوجد اليوم صور له ولأسرته في المتحف الوطني للفنون في واشنطن في ألبوم بعنوان "الحشرات والحيوانات العاقلة".
500 عام على الحكاية
بعد أكثر من 500 عام على ظهور قصة بتروس الذي عاش حياة غير آدمية وقُدم وعائلته هدايا للأغنياء، اكتشف العلماء أنه لم يكن سوى رجل عادي مصاب بمرض نادر يدعى "فرط نمو الشعر" وليس هجينا بين الإنسان والحيوان.
ففي ذلك الوقت لم يكن الطب يعرف شيئا عن ذلك المرض، وهو حالة جينية نادرة اكتشف العلماء أنها تحدث بسبب طفرة في خلايا جرثومية في الخلية التي تُنتج الحيوانات المنوية للرجال والبويضات للنساء، وأنها مرتبطة بكروموسوم 5.
وما يحدث في هذه الحالة أن كل جنين يولد بشعر على جسده حتى يمنع الجلد من التلف بسبب مياه الرحم، ولكل شعرة برنامج جيني خاص بها تحدد متى تنمو ومتى تتوقف عن النمو، إلا أن هذا لا يحدث مع المصابين بفرط نمو الشعر، حيث يقع خلل جيني يمنع توقف نمو الشعر، وهو ما يتسبب في هذه الحالة النادرة التي تصيب شخصا واحد من كل مليار شخص.
والأمراض النادرة هي أمراض واضطرابات صحية تصيب نسبة ضئيلة من سكان بلد ما، أغلبها جيني المنشأ، أي أنها ناتجة عن خلل في المادة الوراثية.
وقد تم تخصيص يوم 28 فبراير/شباط من كل عام ليكون يوما عالميا للأمراض النادرة، وذلك للعمل على زيادة الوعي العالمي بشأنها.
ويختلف تعريف الأمراض النادرة من بلد لآخر، ففي الولايات المتحدة مثلا هو المرض الذي يصيب أقل من مئتي ألف من السكان، أما الاتحاد الأوروبي فيعرفه بأنه الذي يصيب أقل من خمسة أشخاص من كل عشرة آلاف في منطقة معينة.
المصدر الجزيرة الوثائقية
تعليقات
إرسال تعليق